
تفكير إنعكاسي 3
08.05.2017
حدث الموقف الذي سأتكلم عنه في تاريخ 08.05.17، في الدرس الرابع الذي كنا انا وزميلتي نعلم به صف الثامن 1-2-3، وبنهاية الدرس - اي حاوالي الساعة 11:35، إذ بأحد الطلاب (نفرض اسمه يزن) يضرب زميله الذي يجلس بجانبه (نفرض اسمه احمد)، فقام احمد بضرب يزن وهكذا بدأ الطالبان بالتضارب وسط الصف، لذا قمت انا وزميلتي بفض النزاع وابعادهم عن بعضهم البعض، فأذا بأحمد يركض خارج غرفة الصف ويجلس على المقعد بالخارج وتبعته زميلتي مروة، اما انا فقمت بالتكلم مع يزن لماذا ضرب زميله احمد، أذ بمروة تدخل الصف وتقول لي ان احمد يريد ان يكون وحيدا لخمس دقائق، فقمنا بالسماح له بذلك، وبعد خمس دقائق ذهبت للاطمئنان عليه ومحاولة التكلم معه، ولكنه كان يخبرني ان كل شيء على ما يرام وانه فقط يريد التفكير بغض النظر عن محاولاتي العديدة للتكلم معه. وعندما انتهى الدرس وتوجه الطلاب الى خارج غرفة الصف رأيت يزن يتجه نحو احمد ويتكلم معه بعدائية فخرجت لاصلح بينهما ولكي امنع حدوث نزاع آخر، إذ بطالب آخر في الصف يذهب نحوهما ويصلح بينهما.
عندما حدث هذا الموقف شعرت بالمسؤولية تجاه الامر الذي حدث، لانه في نهاية الامر حدث في غرفة الصف التي اعمل بها، وشعرت انه علي ان اتحمل المسؤولية والتصرف بسرعة كي لا يشعر بقية الطلاب بعدم الامان داخل الصف. وكببت اتسائل طوال الوقت "لماذا ضرب يزن احمد؟" فهما يجلسان بجانب بعضهما البعض في جميع الدروس، و"لماذا اراد احمد الجلوس لوحده وعدم التكلم معنا؟" فهذا التصرف عادة لا اراه بعد مشاحنة بين طالبين فيكون عادة الطالبين متوترين ويريدان الصراخ والقتال وليس الجلوس جانبا والتفكير كما فعل احمد. و"لماذا اصغى الطالبان الى الطالب الثالث الذي ذهب ليصلح بينهما؟" مع اننا حاولنا مرارا الاصلاح بينهما.
لم يسبق لي صراحة التعامل مع موقف مثل هذا، ولكن عندما كنت صغيرة واتعلم في المدرسة، كانت هذه الامور تحدث باستمرار داخل غرفة الصف، واحدى هذه المرات التي اذكرها جيدا وتشبه كثيرا الذي حدث في الموقف، هو عندما كنت في مدرسة البيروني الاعدادية في قرية جت، اذ بزملائي في الصف معتز وعبد الله يبدءان بالصراخ والضرب داخل الصف مع انهما صديقان قريبان جدا، فقام المعلم بفض النزاع بينهما والصراخ عليهما خارج غرفة الصف. وبعد الدرس قام بقية زملائي في الصف بالصلح بينهما. ولكن صراحة لم ارى ولا مرة من هذه المرات في حياتي ردة فعل مثل رد فعل احمد.
اعتقد انه يوجد الكثير من نقاط الضعف في هذا الموقف، كان يجدر بي التكلم مع احمد ويزن معا، وليس كل واحد منهما على حدة، وكان من الممكن ان الطالبان كانا يستطيعان التنفيس عن انفسهما بشكل افضل وسماع وجهة نظر كلاهما، ونقطة ضعف اخرى السماح ليزن الخروج من غرفة الصف بعد الدرس دون محاولة الصلح بينهما مع انني راقبت خطواته بعد الدرس كي امنع الخناق بينهما من جديد، ونقطة ضعف اخرى في الموقف كانت عدم التكلم مع بقية الصف عن سلبيات الضرب والقتال داخل الصف وخارجه، وانه علينا دائما ايجاد حل والتفاهم مع الشخص الآخر واحترام رأيه عوضا عن ضربه. ونقطة ضعف اخرى كانت عدم الجلوس مع احمد في الخارج فاذا فعلت ذلك، من الممكن انه يبدأ بالتكلم لوحده معي. اما نقاط القوة كانت فض النزاع بينهما في بدايته الامر الذي ادى الى بقاء بقية الطلاب مرتبين وفي اماكنهم، ونقطة اخرى هي اعطاء الطالب احمد حريته بالتفكير والوقت ليهدء لان الهدوء احيانا يساعد الانسان، ونقطة قوة اخرى كانت متابعة حركات الطالبين بعد الدرس وعدم ترك المسؤولية على بقية المعلمين في المدرسة.
طبعا لا استغرب كثيرا من خلاف طالبين داخل الصف، فلا بد من ان يتكلم الطلاب داخل الصف لانه من الصعب عليهم البقاء صامتين لمدة 45 دقيقة، ومن السهل حدوث خلال في الموقف هذا بالذات لان احد الطالبين اللذين بدأوا بالخلاف (يزن) هو طالب مع مشاكل سلوكية الذي طلب المعلم منه ان يجلس بجانب احمد لان احمد طالب خجول وهادئ وهكذا لن يزعج يزن احد. واتضح لي من الكلام مع يزن انهم تخاصموا على شيء بسيط جدا، وهو اخذ الطالب احمد لعبة الطالب يزن فضربه يزن فورا دون حتى التكلم معه، وهذا متوقع منه بشكل خاص لان المعلمة المدربة نبهتني له من بداية التطبيقات. اما بالنسبة لرد فعل الطالب احمد ومحاولة تفسيره، حاولت خلال اليوم مراقبته والتعرف عليه اكثر، وكنت اراه في الساحة يجلس وحيدا، ولا يتكلم مع الطلاب انما هم كانوا يأتوا احيانا إليه ليزعجوه ويأخذوا نظاراته، وردة فعله في كل موقف كانت ذاتها وهي الابتعاد وعدم التكلم، اعتقد ان هذا الطالب خجول ولا يحب التكلم، وانه تعرض للتنمر سابقا، لذا اعتاد على الاساءة من بقية الطلاب ويحتاج المساعدة، لذا اعتقد انه على مربي الصف التكلم معه وامع ذوي امره، والتكلم مع بقية الطلاب في الصف عن مشكلة التنمر وتنوع الشخصيات في الصف، لذا عليهم تقدير الاختلاف بينهم، وعدم الحكم على الشخص من منظره فقط. واعتقد ان التفسير لموافقتهم على المصالحة هو ان الطالب الذي ذهب للتكلم معهما هو الطالب "رئيس الصف"، اي الذي يصغي إليه جميع الطلاب، لذا اختصر الطالبان وفعلا ما يريد كي يرضى عنهما، ولا ارجح احتمال كون احمد او يزن اعتذرا احدهما للآخر.
ردة فعلي في الموقف لم تكن موفقة كما اردت، ولكن نحن نذهب الى التطبيقات العملية كي نتعلم، وتعلمت انه في المرات القادمة علي ان اجمع بين الطالبين خارج الصف والتكلم معهما وسماع وجهة نظر كلاهما، ثم التوجه الى مربي صف كلا الطالبين واعلامه بالامور التي تحدث بين طلابه كي يتمكن من مساعدتهما.